اخبار

الذهب الأبيض يعود إلى الحياة

«القطن المصرى» كلمة اشتاق إليها الفلاح وتمنى أن يعود الزمن الجميل إلى الوراء ليرى لوزة القطن طويل التيلة تتفتح فى موسم الحصاد، ليجنى الخير من ورائه ليفرح بعائد مادى يفرج عليه كدخل أساسى لأسرته والتى من خلالها يقضى زواج أولاده التى أوجل لحين بيع القطن، ومعه شراء كل مستلزمات الأسرة، ولذا فقد أطلق على القطن لقب «الذهب الأبيض». 

ويقول مصطفى النجار رئيس لجنة الوفد بكفر الصلاحات ببنى عبيد دقهلية إن زراعة القطن فى الزمن الجميل كان يعد مصدر دخل قومى لمصر، وكنا نشتهر بزراعة القطن طويل التيلة والملقب بالذهب الأبيض وكانت هناك بورصة للقطن، تعود بعائد مادى كبير للفلاح لدرجة أن الخير والأفراح تؤجل لحين جمع محصول القمح، وكان هذا بسبب اهتمام الدولة بزراعة هذا المحصول الرئيسى، وتوفير مستلزماته من «بذور، وأدوية، وكيماوي» ومراقبته، وتوفير كل لوازم المقاومة لآفات القطن «الدودة»، كما أنها تقوم على تسويقه من خلال دعم الفلاح وشراء المحصول بعد تسعيره سنويًا، وكانت دول العالم تتسابق على شرائه، مما كان يسهم فى ناتج الدخل القومى، إضافة إلى تشغيل الأيدى العاملة من الجنسين، حيث كانت أغلبية أراضى الدقهلية تقوم على زراعة القطن، حيث يعد مخزن ذهب للأسرة الريفية. 

ويضيف على العصفورى نقيب الفلاحين بالدقهلية قائلًا إن مشكلة القطن المصرى ترجع إلى الخطأ الفادح الذى قام به وزير الزراعة الأسبق يوسف والى والذى أسهم فى إخفاء بذرة القطن طويل التيلة واستبدالها ببذور قطن إسرائيلية قضت على المحصول تمامًا، فبذور القطن طويل التيلة المصرى معروف بأنه لا يزيد ارتفاعه سوى متر واحد فقط وبعد ذلك يزيد

30 سنتيمترًا، حتى يتم جنى المحصول وعلى ثلاث مراحل، وكانت مميزاته أن لوزة القطن تحمل 4 فصوص وقطن يفرح القلب واللوزة تمليء يد الواحد منا، وكان الفدان يعطى محصول من 12 إلى 15 قنطارًا، أما بذرة القطن الإسرائيلى كان طرحها على شجر ارتفاعه يصل إلى ارتفاع 3 أمتار وما فيش فيها لوزتين تلاتة على الأكثر والحطب بيكربج أى يعلو على الفاضى، ورق بدون طرح لأن البذرة مريضة، وتجد أن الناتج على الشجرة ضعيف لا يملي كبشة اليد والقطن مبروم والدودة تلتصق به، ولا نعرف أين اخفى يوسف والى البذرة الأصلية المصرية، ومن أجل هذا ابتعد الفلاح عن زراعة القطن، كما أن الحكومة ابتعدت هى الأخرى عن متابعته وادراجة ضمن الدورة الزراعية الثلاثية والتى كانت مقررة إجبارية، كما أن المصانع والمحالج أغلقت فلا يوجد تسويق لتترك الفلاح عرضة لتجار السوق السوداء.

وفى سياق متصل قال محمد السيد البيومى فلاح من قرية المحمودية قصة زراعته لمحصول القطن العام الماضى قمت بزراعة القطن بديلًا للذرة لأن الدورة المقررة «ناشف» ومحصول الذرة لا يأتى بثماره، وبالتالى كانت تجربتى مع زراعة القطن والتى تضمنت تكاليفها حرث وتطهير الفدان الواحد ألف جنيه، وشراء شكارة بذرة القطن 150 جنيهًا، والرى 600 جنيه، والعمالة القائمة على حرث الأرض خف القطن، وتنقية الحشائش، وزراعته بواقع 20 عاملًا بمبلغ 1400 جنيه، ورش

ه، والكيماوى «نترات وسوبر بمبلغ 800 جنيه، ثم تقليع الحطب، 500 جنيه، ليصل إجمالى تكاليف زراعة الفدان الواحد 10 آلاف جنية، وبعد كل هذا الفدان يأتى بعائد 6 قناطير فقط، وسعر القنطار 2500 جنيه أى أن العائد المادى للفدان 15 ألف جنيه، ليكون الصافى 5 آلاف جنيه، وهذا أفضل من محصول الذرة، ولكن المشكلة فى التكاليف والتسويق، فالتاجر سوق سوداء ويتحكم فى السعر، خاصة إذا كان الفلاح محتاجًا لدعمه ماليًا لتكملة مصاريف الزراعة.

ويختتم كريم النعمانى مهندس بالإدارة الزراعية بميت سويد وعضو الوفد بمركز محلة الدمنة قائلًا ما نحتاجه فى هذه الأيام هو إعادة زراعة القطن إلى الحياة، لأنها بالتالى تعيد الفلاح إلى عصره الذهبى والذى كان يجنى من وراء زراعة القطن الخير، وبالتالى المشكلة فى توفير البذور الجيدة للقطن طويل التيلة، والاهتمام بإدراجه ضمن الدورة الزراعية، إضافة إلى عملية التسويق والتى تسهل على الفلاح وتدفعه للزراعة، لأن الفلاح حين يفكر فى زراعة القطن يحمل هه تسويقه ويقوم بتخزينه حتى يرى من يشتريه مما يعرضه لضياع جزء منه بسبب الفئران والتخزين.

مشيرًا إلى أن بادرة خير باهتمام لرئيس السيسى فى الآونة الأخير لعودة زراعة القطن وإعادة فتح المصانع والمحالج لأنها صناعة وزراعة ودخل قومى وتشغيل عمالة فى أن واحد، فعلى سبيل المثال عملية التسويق تسهم فى تشغيل العمالة من حارس على شون تجميع القطن، وقبانى الميزان، و3 شيالين، وسيارات تحميل ونقل، علاوة على فرص العمل فى جنى القطن، وعند التصنيع بحلج القطن، أضف إلى ذلك عملة صعبة للبلد، كما أن عائد القطن من بذور لصنع أفضل الزيوت، وألياف لعمل ما يسمى بالكسب طعامًا مغذيًا للماشية، هذا بالإضافة للعائد المادى للفلاح والذى كان يزرع حول محصول القطن العديد من الزراعات مثل البامية واللوبيا والقرع.. الخ ليصبح الخير ليس فى محصول القطن فقط بل خير لزراعات آخر، بالإضافة إلى أنه يسهم فى أزمة مياه الرى فهو لا يحتاج كمية مياه كبيرة مثل محاصيل أخرى.

 

على العصفورى