المنسوجات الزراعية
قد يشهد العالم حوالي 265 مليون شخص يعانون من الجوع الحاد بسبب جائحة فيروس كورونا بحلول نهاية العام ما لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة لضمان استمرار سلاسل الإمداد الغذائي ، وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي. ويمثل هذا مضاعفة العدد الذي يقدر بنحو 130 مليون شخص يعانون من نقص الغذاء في عام 2019. لقد سلطت الجائحة الضوء بشكل حاد على قضية الأمن الغذائي وقدرة النظم الغذائية في المستقبل على الصمود, ويمكن أن يشكل الاستخدام المتزايد للمنسوجات الزراعية جزءًا من الحل لمواجهة هذا التحدي العالمي.
منسوجات زراعية محددة
تسخدم المنسوجات في أبسط أشكالها في الزراعة منذ آلاف السنين لحماية النباتات , وكذلك الحيوانات من الظروف المناخية القاسية لأنها توفر الظل ، وتساعد في الحفاظ على رطوبة التربة وزيادة درجة حرارتها ، ويمكن أن تحمي المحاصيل من الحشرات والأعشاب الضارة. والمنسوجات الزراعية مصطلح حديث نسبيًا قد استخدم منذ الثمانينيات, وهي تشمل الأقمشة المنسوجة والمحبوكة وغير المنسوجة والمنسوجات الأخرى المستخدمة في الزراعة والغابات والبستنة وزراعة الزهور الطبيعية ، وكذلك في صيد الأسماك وتربيتها .وتشمل أقمشة حماية ، ومكافحة الحشائش والحشرات ، وإطالة موسم نمو النباتات والمحاصيل. وأكثر التطبيقات الزراعية شيوعًا هي أغطية البيوت البلاستيكية ومنتجات حماية المحاصيل، ويؤدي استخدام المنسوجات الزراعية بشكل عام من حيث المبدأ إلى منتجات زراعية ذات جودة محسنة وعوائد أعلى وأضرارا أقل. ويمكنها أيضًا مساعدة المزارعين على تقليل استخدامهم لمبيدات الأعشاب ومبيدات الآفات ، وبالتالي تقليل التلوث البيئي ، فضلاً عن تقليل تكاليف المدخلات. وتتطلب مواد التكسية الزراعية قوة شد مناسبة وخصائص نفاذية جيدة مع عدم وجود تدهور كبير تحت تأثير الظروف المناخية المتطرفة.وتعتمد خصائص النسيج الزراعي على الألياف التي يتم إنتاجها منها وعلى نوع وشروط تصنيعها. وقد أصبحت منتجات النسيج الزراعي ذات التقنية المتقدمة شائعة فقط في العقدين أو الثلاثة عقود الماضية ، حيث بدأت المواد الليفية ، وخاصة المواد التركيبية في استبدال البلاستيك في بعض التطبيقات.
ارتفاع عدد سكان العالم
والدافع الرئيسي لنمو قطاع صناعة المنسوجات الزراعية هو ارتفاع عدد سكان العالم الذى يؤدي إلى زيادة الطلب على الأغذية ذات الجودة الأفضل . وتتوقع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) أن يزيد إنتاج الغذاء العالمي بنسبة 60-70٪ عن مستواه الحالي لإطعام 9,2 مليار نسمة بحلول عام 2050 (7,6 مليار في عام 2018) منها دول نامية ستشكل حوالي 8 مليار شخص. وستساهم آسيا بنسبة 41٪ وأفريقيا بنسبة 47٪ في هذا النمو عام 2050, وهذا يعني أنه سيتعين إنتاج مليار طن إضافي من الحبوب و 200 مليون طن من اللحوم سنويًا ،وتشير التقديرات إلى أن 80٪ من سكان العالم سيقيمون في المناطق الحضرية. ومن أجل تكثيف الإنتاج بهذا القدر على أرضنا المحدودة ، يجب أن تذهب جهود هائلة إلى طرق جديدة وأفضل وأكثر كثافة لإنتاج الطعام. وسيتطلب إطعام ما يزيد عن 9 مليارات شخص توسيع المناطق المروية بالإضافة إلى توسيع نطاق استخدام ممارسات الإدارة لتحسين كفاءة استخدام المياه ، مثل تقنيات حصاد المياه والحفاظ على رطوبة التربة. وهذا يعني أيضًا أن هناك حاجة إلى ما يقدر بنحو 109 ملايين هكتار من الأراضي الجديدة (حوالي 20٪ مساحة أكبر مما تمثله البرازيل) لزراعة ما يكفي من الغذاء لإطعام سكان العالم ، بافتراض استمرار الممارسات الزراعية التقليدية كما هو مطبق اليوم. وأكثر من 80٪ من الأراضي الصالحة لزراعة المحاصيل في جميع أنحاء العالم قيد الاستخدام بالفعل في الوقت الحاضر. ومع ذلكفقد تم تدمير حوالي 15٪ من تلك المنطقة بسبب ممارسات الإدارة السيئة.
استغلال متواضع
استنادًا إلى هذه التقديرات للنمو السكاني والطلب على الغذاء ، تبدو التوقعات طويلة الأجل للمنسوجات الزراعية صحيحة. لكن استخدامها حتى الآن كان متواضعا بالنظر إلى حجم المنطقة الحالية والمحتملة المخصصة لزراعة المحاصيل والمزايا الاقتصادية الكبيرة التي يمكن اكتسابها من استخدام مثل هذه المواد في الزراعة في العديد من البلدان الصناعية ، لا سيما مع زيادة التحضر وزيادة استخدام الأراضي لإنتاج الوقود الحيوي فإن إجمالي مساحة الأرض المخصصة للزراعة والبستنة آخذ في الانخفاض ، مما يضع ضغوطًا هائلة على الحكومات والاقتصادات لإطعام سكان العالم الذين يتزايدون باستمرار. ولحسن الحظ فقد أدى الاستخدام الأفضل للتربة والمخرجات الأعلى من خلال تحسين الكفاءة والإنتاجية إلى التغلب جزئيًا على هذه المشكلة , وقد ساهم استخدام المنسوجات الزراعية في هذا التطور.
إمكانات السوق
المنسوجات الزراعية هي واحدة من أصغر فئات المنسوجات التقنية ,حيث يشير تقرير حديث صادر عن (Grand View Research) إلى أن قطاع الاستخدام النهائي للمنسوجات الزراعية قد استحوذ على مبيعات بلغت 4,5 مليار دولار أمريكي في عام 2019 من إجمالي حجم سوق المنسوجات التقنية العالمي المقدر بنحو 176,6 مليار دولار أمريكي. ومع ذلك فإن هذا القطاع هو من بين القطاعات التي لديها أقوى تنبؤات للنمو بناءً على الزيادة المتوقعة في عدد سكان العالم والطلب على أغذية عالية الجودة في البلدان النامية الكبرى ، ولا سيما البرازيل والهند والصين ،حيث تعد إمكانات السوق للمنسوجات الزراعية ضخمة. ومع ذلك لا يزال العديد من هذه المناطق يعتمد على الاقتصاد الريفي حيث يعيش عدد كبير من السكان في المناطق الريفية التي تعتمد على زراعة الكفاف. وهناك في الوقت الحاضر حوالي 2,5 مليار شخص (حوالي ثلث سكان العالم) من صغار المزارعين وأسرهم ، فقد تكون تكلفة شراء التكنولوجيا الإضافية ( أقمشة النسيج الزراعي الأساسية) باهظة بالنسبة للعديد من هؤلاء بدون دعم حكومي كبير. وأصبح الأمن الغذائي في الوقت نفسه على نحو متزايد قضية رئيسية في جميع أنحاء العالم عندما يتاح لجميع الناس ، في جميع الأوقات الحصول على طعام كاف وآمن ومغذٍ لتلبية احتياجاتهم الغذائية وتفضيلاتهم الغذائية من أجل حياة نشطة وصحية.
تغير المناخ
يزداد تفاقم هذه القضية بسبب خطر تغير المناخ حيث كشفت بعض الدراسات عن خسارة محتملة بنسبة 10-40 ٪ في إنتاج المحاصيل في بلدان مثل الهند بسبب الارتفاع المتوقع في درجة الحرارة العالمية بحلول عام2050-60.ولقد أدت جائحة كرونا إلى تفاقم هذه المشاكل . ونتيجة لذلك فإن المحرك الرئيسي لقطاع التكنولوجيا الزراعية هو زيادة الإنتاجية عن طريق تحسين غلات المحاصيل وتحسين كفاءة الأراضي والمياه والموارد الإضافية وإدارة الأراضي مع الحفاظ على البيئة. ويتميز سوق المنسوجات الزراعية الحالي على النقيض من ذلك فى قطاع مصايد الأسماك الذى هو في أزمة في جميع أنحاء العالم مع انخفاض المخزون السمكي وأساطيل الصيد, وأصبحت طرق الصيد أكثر صناعية لتحل محل تقنيات الصيد بالشباك الصغيرة والصيد بالخيط . ويزداد القلق البيئي بشأن الاستخدام العشوائي للشبكات الكبيرة وهذا الضغط قد يوقف هذا الاتجاه ، وقد أدى تطوير تربية الأحياء المائية (المياه العذبة ومياه البحر) إلى خلق متطلبات جديدة مثل الشباك القادرة على الغمر لفترات طويلة وتحسين مقاومة التآكل. وكان هناك انخفاض مطرد في الزراعة والبستنة في حجم المساحة المزروعة بسبب الاستخدام الأفضل للتربة والمخرجات الأعلى من خلال تحسين الكفاءة والإنتاجية. وقد ساهمت المنسوجات التقنية في هذا التطور، ولكن تكاليفها تميل إلى قصرها على البلدان المتقدمة أو حيث يعتبر استخدامها ضروريًا.
المواد القابلة للتحلل
وفي الوقت نفسه فهناك اهتمام متزايد باستخدام المواد القابلة للتحلل،مما أدى إلى زيادة الوعي باستخدام الألياف الطبيعية والبوليمرات الحيوية.ومع ذلك فإن الاتجاهات العامة في سوق المنسوجات الزراعية مرتبطة بقدرة القطاع على قبول الابتكارات والقدرة على دفع ثمنها. و قد سمح المستوى التقني بتطوير المواد المضافة بتحسين أو تعزيز خصائص الألياف الصناعية نتيجة لذلك ، ويمكن إبطاء عملية التمثيل الضوئي لتسهيل عملية التبييض لبعض الخضروات على سبيل المثال.وعلى الرغم من أن معدلات النمو المستقبلية لحجم المنسوجات الزراعية تبدو متواضعة نسبيًا ، إلا أن هذا يرجع جزئيًا إلى استبدال عناصر النسيج التقليدية الأثقل وزنًا ، بما في ذلك الجوت والسيزال ، والخيوط ، والتي لا تزال مفضلة في البلدان النامية ، ببدائل ألياف تركيبية دائمة أخف وزنا وأطول عمرا مثل البولي بروبلين.
غير المنسوجة المرتقبة
يتم استخدام الأقمشة المغزولة خفيفة الوزن بشكل متزايد للتظليل والعزل الحراري وقمع الأعشاب الضارة ، في حين يتم استخدام التركيبات الثقيلة المنسوجة والتريكو وغير المنسوجة للحماية من الرياح والبرد. علاوة على ذلك ، تحل الشبكات الليفية والمبثوقة محل خيوط المكبس التقليدية لتغليف البالات الدائرية الحديثة. ويستخدم الحصير الشعري في البستنة لتوزيع الرطوبة على النباتات النامية ، في حين أن التخزين السائب ونقل الأسمدة والمنتجات الزراعية يتم تنفيذه بشكل متزايد باستخدام الحاويات الضخمة المرنة المصنوعة من مادة البولي بروبيلين المنسوجة أو الأكياس الكبيرة بدلاً من الجوت أو الورق أو أكياس البلاستيك. وفي الوقت نفسه تستخدم الشباك المتخصصة وغيرها من المنتجات عالية التقنية لتربية الأسماك. ويتم استخدام الألياف عالية الأداء ، مثل البولي إيثيلين عالي الجودة (HMPE) في صناعة صيد الأسماك لتصنيع خطوط وشباك الصيد خفيفة الوزن القوية للغاية.