اخبار

حكايات السبت: وزير صنايعى.. التجهيز للمؤتمر.. والشوربجى والأطباء

لدينا وزيران أتمنى أن تتم إتاحة الفرصة لآخرَين مكانهما فى أى تغيير حكومى جديد. لا أمتلك مشاعر سلبية تجاه وزيرى الصناعة وقطاع الأعمال، لكن مطلوب عقول جديدة وفكر مختلف وخبرات محددة فى هذه المرحلة، لينسجم ذلك مع التحديات العظيمة التى يواجهها الاقتصاد، ويتماشى مع الأفكار التى يؤكدها السيد الرئيس.

تابعت خلال الفترة الماضية مقالات متخصصة وعروضًا صحفية لندوات عن طبيعة أزماتنا الحالية ووسائل الخروج منها.. لم تخل أى فكرة منها، سواء قالها خبير أو أكاديمى، من ضرورة الاهتمام بالصناعة وزيادة الصادرات.

وخلال جلسة مجلس النواب الأسبوع الماضى، التى واجه فيها النواب وزيرة الصناعة والتجارة نيفين جامع بعدد كبير من طلبات الإحاطة والأسئلة البرلمانية، لم أتحمس لما قالته الوزيرة، فهو لم يخرج عن ردود بيروقراطية جدًا جهزها مستشاروها قبل الجلسة. لقد قرأت عرضًا وافيًا لمداخلات النواب حول أزمات الصناعة بشكل عام، أو فى دوائرهم، ووجدتهم دقيقين جدًا، لكن ما قالوه لن يغير من الأمر شيئًا، وكأنها فضفضة ويبقى الحال على ما هو عليه.

مطلوب تنفيذ الفكر الرئاسى الحريص على تقليل فاتورة الاستيراد عن طريق تشجيع الصناعة الوطنية، وزيادة الطاقة التصديرية لمصانعنا، والدخول فى شراكات مع رجال الأعمال الوطنيين لهذا الهدف.. أعتقد أن هذا هو الغاية الأساسية لمشروع «ابدأ» الذى يتبع مبادرة «حياة كريمة». ولا أعرف لماذا تأخر الترويج لهذا المشروع حتى الآن؟.

■︎ وأعتقد أيضًا أن هذا الفكر ينبغى أن تختار القيادة العليا له وزراء بمعايير مختلفة.. لست أدرِى السر وراء توزير موظفين شبه بيروقراطيين لم ينغمسوا يومًا فى الصناعة، ولم يديروا مصنعًا، ولم يصدروا سلعة واحدة!.

وبمناقشة عدد من أرباب الصناعة، فإن هناك حنينا لمسيرة ثلاثة وزراء فقط وصلوا لكرسى الصناعة فى العقدين الأخيرين، وهم: رشيد محمد رشيد ومنير فخرى عبدالنور وطارق قابيل. والباقون مروا سريعًا ولم يتركوا أى أثر. نفذوا اللوائح والقوانين جيدًا، ولم يساعدوا فى تطوير المصانع. لم ينشغلوا حتى بإعادة الحياة للمصانع المغلقة!.

أما وزير قطاع الأعمال، فإننى لا أرى صورته ولا أقرأ له تصريحًا إلا ويكون عن تصفية مصنع أو بيع آخر.. فى أجواء تذكّرنا بسياسات الخصخصة التى طالها جدل ومخالفات عديدة قبل عقدين تقريبًا.

اقتراحى هنا بسيط ومحدد جدًا، حيث أرى أنه ينبغى أن نختار للوزارتين رجلى صناعة لديهما دراية بالاستثمار، ويهتمان بالتصدير.. ومن الممكن بالطبع أن يكونا من القطاع الخاص.. فلعلهما يحققان اختراقًا مهمًا ويزيدان من الصادرات المصرية للأسواق العالمية كما نتمنى جميعًا.

■︎ التجهيز للمؤتمر

لا يمر يوم على حكومتنا ووزرائها إلا بتصريح أو بيان أو المشاركة فى فعالية دولية أو محلية للتجهيز لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، الذى تستضيفه شرم الشيخ نوفمبر المقبل. هناك تساؤلات مشروعة تتعلق باستفادتنا من استضافة هذا المؤتمر الأممى. هل سيُحسن علاقتنا بالبيئة ونتوقف عن قطع الأشجار وتجريف الحدائق العتيقة؟ هل يقل مستوى العوادم فى شوارعنا؟ هل ستصل حكومتنا إلى حل لمشكلة القمامة المزمنة بعد أن باتت تملأ الشوارع فى كل المدن؟!.

هناك تحركات مهمة قامت بها الحكومة فى اتجاه تعظيم الاستفادة من الغاز كوقود لبعض وسائل النقل العام، أو بنشر محطات شحن السيارات الكهربائية. حتى الآن هذه السياسات لاتزال بطيئة جدًا. التصريحات الرسمية بشأنها أضخم بكثير من الذى يتم تحقيقه على أرض الواقع. مطلوب من الحكومة أيضًا سن تشريعات، وإصدار سياسات مدعومة بخطط محددة تترجم مشاركتنا فى التكيف مع التغيرات المناخية.

إننى أتوقع أن تصبح ممارسات حكومتنا فيما يتعلق بالمفردات البيئية مادة ساخنة فى الإعلام الدولى فى أيام انعقاد المؤتمر، وقبيل ذلك.. وفى مسألة كهذه، لن تكون الوسائل والأساليب التى تتم ممارستها مع الإعلام المحلى والصحفيين المصريين مفيدة أو ذات قيمة.

أعتقد أن الملاحظات التى ستوجه لمصر، سواء داخل المؤتمر أو فى الإعلام الدولى، ستكون حول زيادة نسبة العوادم فى الشوارع. القاهرة من بين أكثر المدن تلوثًا فى العالم، إضافة إلى قضية التصحر التى لا تبذل فيها حكومتنا الجهد الكافى.. وتحديات أخرى نشترك فيها مع عدة دول متعلقة بارتفاع مستوى سطح البحر المتوسط وزيادة عمليات النحر فى السواحل الشمالية.

ليت وزراء حكومتنا يركزون على الداخل أكثر من الزيارات الخارجية خلال الشهور المتبقية على انعقاد المؤتمر. وليت الهجمة الشرسة على المساحات الخضراء فى القاهرة والإسكندرية وباقى المحافظات تتوقف فورًا. لنغير من أولوياتنا فى هذه المرحلة. ليتأكد جميع مسؤولينا أن كل الممارسات الخاطئة نحو البيئة خلال الفترة الماضية ستتحول إلى مواد إعلامية ضدنا.. وسيتم ترويجها مع انعقاد المؤتمر.

■︎ الشوربجى والأطباء

اهتمت الفضائيات والصحف وكذلك السوشيال ميديا بإعلان بطل الإسكواش محمد الشوربجى عن حصوله على الجنسية الإنجليزية، وأنه سيلعب باسم انجلترا فى البطولات الدولية.

وانقسم الرأى العام ما بين منتقد لقرار الشوربجى ووصفه بأنه غير وطنى، وبين من يراه قرارًا عاديًا فى ظل تراجع الاهتمام والاحتضان لأبطال مصر ورموزها فى مجالات عديدة.

وسط ذلك، أعجبنى بوست كتبه طبيب شاب وهو صديق عندى على صفحتى، بأن الإعلام انشغل طوال الأسبوع الماضى بقصة الشوربجى ولم ينشغل بنفس القدر بهجرة وسفر ٧ آلاف طبيب مصرى فى عام واحد، وأن حوالى ٦٥% من أطباء مصر تركوها للعمل فى الخارج، بعد معاناة قاسية من ظروف العمل والراتب الضعيف وبدل العدوى المتدنى.. ليت الإعلام يهتم بنا كما يهتم ببطل الإسكواش.

أعجبتنى الفكرة، رغم أننى كصحفى أجد أننا يمكن أن نهتم بالمجالين على حد سواء. صحيح أننا أبطال العالم فى الإسكواش، وهناك ستة أبطال مصريين ضمن العشرة الأفضل عالميًا، وقصة الشوربجى جرس إنذار بأن غيره من الأبطال قد يقلده ويهاجر.. لكن هجرة الأطباء تكشف كذلك عن تجريف مستمر للمهنة.

لا أحد فى الحكومة ولا النقابة ولا البرلمان استطاع أن يتدخل لإنصافهم. العكس هو ما يحدث حاليًا.. والشواهد على ذلك كثيرة جدًا.

 

 

وعمومًا، فإن الهجرة للخارج تتزايد فى مراحل عدم الاستقرار الاجتماعى والسياسى. لاحظت ذلك خلال حوارات مع عدد من رموز المهاجرين المصريين فى عدة دول غربية. خلال زيارة إلى كندا قبل عشر سنوات، حصلت على أرقام عن ظروف الهجرات المصرية إلى هناك. وكان الرقم الذى حصلت عليه حينها أن هناك ٣٠٠ ألف مصرى يحملون الجنسية المزدوجة. النسبة الغالبة فيهم من المهندسين والأطباء. ونصف هؤلاء هاجروا أيام عبدالناصر، وبخاصة فى النصف الثانى من ستينيات القرن الماضى.