دراسات وأبحاث

نحو استراتيجية للصناعة النسجية فى مصر.. بقلم د. على حبيش 1/3/2012

 تحظى الصناعة النسجية فى مصر بأهمية خاصة ، لاقبل لصناعة أخرى بها ، وباتت الصناعة النسجية حديث الرأى العام المصرى ـ شأنها فى ذلك شأن التعليم ـ إبان تعثرها لأسباب إدارية واقتصادية واجتماعية وتكنولوجية وسياسية خلال مايزيد عن العقدين الماضيين0 وبالرغم من استمرار كثير من المعوقات و التحديات حتى الآن ، إلا انه لايختلف اثنان على الأهمية  الكبيرة للصناعة النسجية ، لكونها تلعب دوراً محورياً فى ضمان التوازنات الأجتماعية و الأقتصادية فى مصر 0 فهى ثانى قطاع انتاجى بعد قطاع الصناعات الغذائيـة ، وتمثل 30 % من اجمالى الأنتاج الصناعى و 3% من الناتج القومى الأجمالى ، ويبلغ حجم الأستثمارات حوالى56 مليار جنية مصرى ، ويصل حجم عمالة الصناعة النسجية 25 % من حجم العمالة المصرية فى الصناعة ، وتبلغ صادراتها 12 مليار جنيه ، كما أنها همزة الوصل بين القطاعين الزراعى و الصناعى ، ولهذا فإن ازدهار الصناعة النسجية تؤدى إلى ازدهار زراعة القطن المصرى حيث أنها المستهلك الرئيسى لمحصول القطن

 

    • هناك 33 شركة تابعة للشركة القابضة للقطن و الغزل و النسيج و الملابس ( قطاع أعمال عام ) ، حوالى 4742مصنع قطاع خاص مسجلة فى اتحاد الصناعات بخلاف العديد من المنشآت الصغيرة غير المسجلة ، و 14 شركة منتجة للمنسوجات التقنية  وعدد من الشركات المهتمة بإنتاج وتصنيع السجاد الميكانيكى، وعدد من المصانع الصغيرة للسجاد اليدوى 0وهناك سبعة محافظات تستحوذ على حوالى 90% من عدد المصانع كما هو موضح فى التوزيع الجغرافى التالى للمصانع المسجلة بأتحاد الصناعات المصرية

 

 

 

الترتيب

 

 

عدد المصانع

 

 

 

المحافظة

 

 

 

1

 

 

1053

 

 

 

 

القاهرة

 

 

 

2

 

779

 

 

 القليوبية

 

3

 

 

732

 

 

 

الغربية

 

4

 

679

 

الأسكندرية

 

 

5

 

 

 

 

379

 

 

 

الجيزة

6

 

372

 

الشرقية

 

 

7

 

 

 

216

 

الدقهلية

 

 

-

 

 

 

 

14

 

 

 

 

المحافظات الأخرى

 

 

 •  وتنقسم الطاقة الأنتاجية للمنتجات تامة الصنع إلى ثلاثة فروع هى :

1ـ الملابس الجاهزة.
2ـ المفروشات والمنسوجات المنزلية.
 3ـ المنسوجات التقنية.

  فى المانيا تتوزع الطاقة الأنتاجية فى المانيا بين الفروع الثلاثة على النحو التالى : ملابس 30% ، مفروشات ومنسوجات منزلية 31% ، منسوجات تقنية 39% 0 أما فى مصر فإن الصناعة النسجية تقتصر على الفرعين الأولين وأن المنسوجات التقنية لم تحظ بالعناية الكافية ، ومازالت قاصرة صناعياً وبحثياً 0

• تقدر كمية استهلاك مصر من الألياف النسجية بحوالى 350 الف طن ، حوالى 70% من هذه الكمية قطن و الباقى ألياف صناعية وألياف أخرى 0 أما على المستوى العالمى فتصل نسبة استخدام الألياف الصناعية و الألياف الأخرى فى الصناعة النسجية إلى 62% مقابل 38% قطن 0

• يقدر متوسط الأستهلاك السنوى للفرد من المنتجات النسجية القطنية فى مصر بحوالى 4,5كيلوجرام مقارنة بحوالى 17 كيلو جرام للفرد فى دول الأتحاد الأوروبى وأكثر من 20 كيلو جرام للفرد فى الولايات المتحدة الأمريكية ، وحوالى 8 كيلوجرام للفرد على المستوى الكونى 0

• توفر الصناعة النسجية لسكان مصر جميعاً ( حوالى 85 مليون نسمة ) أحتياجاتهم من الأقمشة و الملابس و الملايات و الفوط و السجاد الخ

المعوقات و المشاكل و التحديات :

• أن زيادة المعوقات و المشاكل و التحديات التى يواجهها قطاع الغزل و النسيج و الملابس الجاهزة من جراء تداعيات الأزمة المالية الأقتصادية العالمية لها جذورها التاريخية التى تمتد منذ عمليات التأميم حيث وضعت الشركات الكبرى و القلاع الصناعية وحتى المصانع الصغيرة فى أوائل الستينيات من القرن الماضى تحت مظلة القطاع العام ، واستخدمت القطن المصرى فى توفير المنتجات للسوق المحلى بأسعار التكلفة أو مدعومة بالأسعار الأجتماعية ، وتوجهت صادرات القطاع من خلال اتفاقيات التبادل السلعى و الصفقات المتكافئة إلى دول أوروبا الشرقية و الأتحاد السوفيتى

• ولقد كان قطاع الغزل و النسيج من أكبر القطاعات التى أستخدمتها الدولة لأستيعاب العمالة وحل مشكلة التوظيف 0ولقد ترتب على كل تلك العوامل : تراكم المديونيات ، تغيير السياسات وعدم تكاملها ، التعيينات لأسباب سياسية واجتماعية ، تقادم وتهالك المعدات ، تضخم العمالـة ، ضعف الأدارة ، تفشـى الأهمال ، غياب التكنولوجيا الحديثة و الأدارة المتطورة و البحث العلمى فى خدمة الأنتاج 0

• ومع تحول التوجه الأقتصادى فى بداية الثمانينيات من القرن الماضى إلى اقتصاديات السوق و الأنتاج و التحرر ، وفى أطار برامج الأصلاح التى انتهجتها الدولة لتحقيق ذلك، لم يستطع قطاع الصناعة النسجية المكبل بالمشكلات المعقدة أن يواكب التحول وتعمقت المشكلة بعد تخلى الحكومة عن دعم سعر بيع المنسوجات الشعبية و التى كانت تمثل 80% من انتاج مصانع النسيج المصرية فى تلك الفترة 0

• أدى توقف الحكومة عن دعم القطاع لاحقاً إلى ظهور مشكلات اختلال الهيكل التمويلى لمعظم الشركات التى اقترضت من البنوك لتمويل عمليات الأحلال و التجديد بفائدة وصلت إلى 20% فى بعض الفترات 0
• فاقم المشكلة سقوط الأتحاد السوفيتى فى عام 1991 وتفكك باقى منظومة الدول الأشتراكية وفقدان قطاع الصناعة النسجية أهم أسواق التصدير ، مما أدى فى النهاية إلى انهيار كثير من شركات النسيج المصرية العريقة 0

• وعقب اعلان الحكومة تحرير تجارة القطن عام 1994 بدأت الصناعة النسجية تعانى مشاكل إضافية تتعلق بأرتفاع سعر المدخل الرئيسى للأنتاج 0
• كما تسببت تلك السياسة الجديدة فى الأنخفضات المتتالية لمحصول القطن على مدى اكثر من 15 عاماً 0
• ومع تفاقم أوضاع الأزمة المالية الأقتصادية اعتباراً من منتصف عام 2008 تأثرت كل من زراعة القطن والصناعة النسجية تأثراً سلبياً بالأزمة 0
• التضخم الكبير فى الأجور خلال الفترة الماضية دون ان يقابل ذلك أى أرتفاع فى الأنتاجية ودون ربط الزيادة فى الأجور بالأنتاج 0
• انخفاض انتاجية العامل المصرى إلى  حوالى30% عن المعدلات العالمية 0
• تقادم العمالة وعدم تواصل الأجيال وعدم توافر قيادات جديدة وعدم العمل على خلقها ورعايتها لفترة طويلة 0
• التهريب من خلال الثغرات فى الأنظمة الموازية و المفروض إنها لتشجيع التصدير وتشغيل العمالة ولكنها فى جانبها السلبى تهدد بشدة الصناعة المحلية 0 

 

 

 

• القطن المصرى وأسعاره العالمية فى غالبية الأحيان تجعل قدرة المصانع على استيعاب كميات منه محدودة 0

 


• ليس هناك قواعد للحد من استيراد جميع أنواع الأقمشة و الملابس الجاهزة وكذلك يقتضى الأمر تعديل للتعريفة الجمركية الخاصة بأستيراد الغزول و الأقمشة و الملابس الجاهزة بجانب استمرار دعم الغزول المحلية ومواجهة التلاعب فى استخدام نظم السماح المؤقت وتحديد نسب الهالك وضرورة توفير الآليات التمويلية اللازمة لتطوير قطاع الغزل و النسيج 0
• هناك دعوة للتوسع فى زراعة القطن قصير ومتوسط التيلة 0

عناصر الأستراتيجية
• فى ضوء ماتقدم يتضح أن الأنشطة المختلفة لقطاع الصناعة النسجية تحتاج إلى وضع وتنفيذ استراتيجية دائمة توفربيئة مشجعة للنمو ، وتكون جاذبة للأستثمار ، وتلغى التناقض بين مصالح الأنشطة المختلفة ( غزل ـ نسيج ـ صباغة وتجهيز ـ ملابس ) ، وتدخل القطاع فى انتاج منتجات متنوعة وجديدة ، وتعمل على تعميق التصنيع المحلى ، وتكرس علوم وتكنولوجيا الصدارة فى انتاج نسجيات متعددة الوظائف وكذلك الدخول فى مجالات المنسوجات التقنية 0
• أن تنمية الصناعة النسجية وتحديثها و التوسع فى منتجاتها يقتضى رسم استراتيجية لهذه الصناعة متضمنه مايلى :

أولاً : الرؤية :
• تقوم على تنفيذ مجموعة من السياسات المترابطة و المتكاملة تغطى الأنشطة المختلفة وهى سياسة أنتاج وتجارة القطن ، سياسة الغزل ، سياسة النسيج ، سياسة الصباغة و التجهيز ، سياسة الملابس الجاهزة0

ثانياً : الرسالة :
• التحكم فى السيطرة على الطاقة الآلية من حيث إدارتها وتطوير تكنولوجياتها و التعامل مع القـائمين عليـها وإقامـة تعاون صـادق ومسـتمر مع مؤسـسات البحث العلمى
و التكنولوجيا 0
• تحقيق التميز و المنافسة من خلال الأرتقاء بالجودة و الأرتقاء بكفاءة الأداء و التوسع و التنوع فى المنتجات النسجية 0
• حفز الأبتكار و الأبداع فى تطوير الماكينات وكيفية تشغيلها وتحسين علاقتها مع البيئة0

ثالثاً : الأهـداف والخطوط العريضة للبرامج التنفيذية :
• النهوض بالصناعة النسجية وزيادة القدرة التنافسية لمنتجاتها من خلال تطوير العمليات الأنتاجية الصناعية 0
• تنميـة الموارد البشـرية لكونها الوسـيلة الوحيدة للتميز فى السـنوات القادمة  و الألتزام بتنمية مهارات القرن الحادى و العشرين فى اطار أعمال ابداعية مبتكرة تضم فى اطارها : البحث و التطوير و التصميم و التسويق وإدارة المؤسسة الأقتصادية بفكر دولى ومتابعة دورة حياة المنتج و التخطيط له 0
• تطوير شركات الغزل و النسيج و الملابس بوضع نظم جديدة للإدارة واختيار المديرين ، و العمالة الزائدة ، و المخزون الراكد ، وتحسين الجودة ، وتطوير خطوط الأنتاج لتحقيق القدرة التنافسية 0
• ارساء قواعد وأسس الأنتاج الأنظف و الحصول على المواصفات البيئية و العلامات البيئية فى اطار إدارة بيئية وتسويق بيئى 0
• تفعيل دور البحث العلمى لتمكينه من زيادة القدرة التنافسية للمنتجات النسجية المصرية من خلال انتاج المعرفة الجديدة واتقان تطبيقها واستخدامها لتعظيم الأنتاج و الأرتقاء بجودة منتجاتـه و التوجـه نحو استخدام الوسائل الجديدة وكذلك المواد
 و الآلات و الأساليب غير الملوثة للبيئة0
• السيطرة على عنصر التكلفة ، و الأخذ بكافة الأنظمة فى تحقيق الكفاءة الأنتاجية ، والأهتمام بجودة الأداء وجودة الأنتاج وجودة المنتج ، و التسويق ومتابعة مايجرى على الساحة العالمية فى مجالات المنتجات النسجية سواء من ناحية الأساليب أو التكنولوجيا المستخدمة ، وحث الشركات المصرية و مساعدتها فى الحصول على شهادة مطابقة المواصفات القياسية العالمية ( الايزو ) التى أصبحت من متطلبات التصدير 0
• التعامل مع القطن انتاجاً وسياسة وتسعيراً وتجارة ( تصدير واستيراد) 0
• التنسيق بين قطاع الأعمال العام و الخاص بخصوص التوسع فى التكامل الرأسى للطاقات الأنتاجية للمنتجات النسجية ( غزل ـ نسيج ـ تجهيز ) 0
• دعم التوجه الأسـتثمارى نحو سرعة انتاج مخصصة للتفصيل الآلى ، وذلك بالعرض
و المواصفات و الجودة و الأطوال التى تلزم لانتشار هذه الصناعة 0

رابعاً : التنسيق:
• بين كافة أجهزة ومؤسسات الدولة العاملة فى صناعات الغزل و النسيج و الملابس خصوصاً بين شركات قطاع الأعمال العام وشركات القطاع الخاص و القطاع الأستثمارى ومراكز تكنولوجيا المعلومات و الأتصالات ومؤسسات العلم و التكنولوجيا و المؤسسات الحكومية المالية و التشريعية 0

    خامساً : التعاون الدولى :
• التعاون مع الشركات العالمية المنتجة للألياف و الصبغات ومواد التجهيز وكذلك مع بيوت الخبرة و الهيئات الدولية المتخصصة فى مجالات الموضة للتمكن من مواكبة التطورات الجديدة فى التوقيتات المناسبة 0
سادساً : الثقافة النسجية :
• نشر الوعى الوطنى و التفهم العام لدور الصناعة النسجية فى تحقيق التنمية الشاملة، وتحسين ظروف الحياة وأساليبها ، ورفع المستوى العام للرفاهية الأقتصادية و الأجتماعية فى المجتمع ، وخلق مناخ عام يحابى المنتجات النسجية المصرية وزرع الثقة فيها 0


الخلاصـــة

• تعتمد الصناعة النسجية على خامات رئيسية أهمها القطن و الصوف و الكتان و الجوت و الألياف الصناعية 0
• تضـم الصناعـة النسـجية صناعات الغزل و النسيج و التريكو و الملابس الجاهزة
و الصباغة و التجهيز و الأقمشة غير المنسوجة و المنسوجات التقنية وأغطية الأرضيات ( السجاد و الموكيت ) 0
• بمعنى أن للصناعة النسجية فروع ومجالات متعددة ، يمثل كل منها صناعة فى حد ذاتها، وتحتاج هذه الصناعات إلى قدرات وكفاءات تتحلى بالعلم و التكنولوجيا و الخبرة و المهارة و التخصص ، بجانب الأخلاق الحميدة و السلوك الحسن و الأنتماء للوطن 0
• اننا أمام صناعة تحتاج وبشدة إلى أعمال فكر متطور يقوم على المعرفة الجديدة انتاجاً وتطبيقاً واتقاناً واستيعاباً وتطويعاً وإدارة0 تحتاج الصناعة النسجية إلى تقنيات انتاجية حديثة ، ومعالجات صناعية متطورة ، وأنساق إدارية راقية ، تجمع كل جنباتها وحدة المعرفة وماتتضمنة من المعارف العلميـة و التكنولوجيـة و التسويقيـة و الأداريـة
و الأقتصادية و الثقافية لتجسد فى النهاية منتجات جديدة أو مطورة قادرة على الأستمرار فى بيئة تنافسية شرسة 0
• إن المعرفة البشرية ، وتلك المجسدة فى الخامات و العمليات الصناعية وخطوط الأنتاج، و النظم الأدارية و التسويقية و القدرة على استخدام هذه المعارف الأستخدام الأمثل ، أصبحت المحور الرئيسى لتنمية الصناعة النسجية 0 ومن ثم تفرض وجوب اعمالها حتى تصبح هذه الصناعة جاذبة للأستثمارات ومولدة لفرص العمل ودافعة إلى النموالأقتصادى مما يكسب منتجاتها قدرة تنافسية فى الأسواق المحلية و الدولية حيث أصبحت القدرة التنافسية للمنتجات النسجية رهن بمكوناتها المعرفية 0وهو الأمر الذى يتجسد فى عناصر الأستراتيجية مجتمعة 0