دراسات وأبحاث

مستقبل القطن .... فى ظل القطن البديل

أولا القطن العضوى
يقصد بالقطن العضوى  ذلك النوع من الأقطان الذى يزرع وينمو  فى بيئة ما بدون إستخدام  أية مواد كيمائية  سواء  كانت تلك المواد مبيدات حشرية أو مخصبات زراعية وتأتى فكرة إنتاج القطن  العضوى  إلى  تأثر خلايا  القطن بهذه المواد  مما  أدى إلى فقد القطن  التقليدى للعديد  من مميزاتة  وخصائصة وبالتالى فقد فاعليتة ، كما  لوحظ إرتفاع تكلفة زراعة وإنتاج  القطن التقليدى خاصة فى ظل الإستعانة المستمرة  والمتكررة  بالمبيدات الحشرية  والمخصبات ومن ناحية  أخرى يطلق على  القطن العضوى  مجموعة إخرى من الأسماء منها  القطن النظيف أو القطن الطبيعى أو القطن الأخضر  وبالإضافة إلى ماسبق فإن عملية إنتاج القطن العضوى تحتاج إلى أيدى مزرعين متخصصين  ومؤهلين للتعامل  مع هذا النوع من الأقطان فضلا عن التعامل مع التربة التى يزرع فيها القطن وكيفية أداء العمليات الخاصة بخدمة القطن إثناء زراعتة وعند جمعه
 
تجربة مصر فى إنتاج القطن  العضوى
تعد مصر من الدول التى تولى  عملية إنتاج القطن العضوى إهتماما زائد ويتمثل هذا الإهتام فى إستضافة مصر لأول مؤتمر دولى للقطن العضوى فى الفترة من 23 – 25 سبتمبر 1993 ولقد عقد المؤتمر تحت إشراف الغرفة الدولية لزراعة القطن  العضوى بألمانيا وبدعم من معهد التسويق البيئى بسويسرا ولقد  كان المؤتمر فى إستضافة مجموعة مزارع sekemداخل  الأراضى المصرية
 
ومن ناحية أخرى فلقد بدأت مصر فعلا فى إنتاج القطن العضوى حيث ظهرت بعض محاصيل هذا القطن  بمحافظة الفيوم عام 94/95  كما ظهر أيضا القطن العضوى فى بعض محافظات الوجهين ولكن للأسف كان ظهور دزدة القطن فى ذلك الوقت  سببا رئيسيا فى فقد جزء من إنتاج هذه المحاصيل
ولقد كانت التقديرات الأولية للمساحات المزروعة بالقطن العضوى داخل مصر وإنتاجها عام 1994  كالتالى:-
المساحة المزروعة 607 هكتار
إنتاج القطن العضوى المتوقع 986 كم (-12%)
إنتاج القطن التقليدى المتوقع 1021 كجم
تكلفة الإنتاج +8%
 
ماهو المقصود بالقطن البديل
يقصد بالقطن البديل ( BCI ) القطن الذى يستخدم مركبات كيمائية غير ضارة ويتميز بأنه ينمو أسرع من القطن التقليدى ويختلف القطن البديل عن القطن العضوى فى أن الأخير  لا يستخدم أيه كيماويات أو مبيدات قبل الزراعة أى فى مرحلة إستنباط التقاوى أو أثناء الزراعة بإستخدام أسمدة عضوية  أو بعد الزراعة فى عدم إستخدام مبيدات أو أسمدة كيمائية
والقطن البديل يقل سعره 10 % عن العضوى ، ويتفوق على العضوى  فى الهند بزيادة مساحته المزروعة إلى 47 ألف فدان
 
 مازالت الهند أكبر دولة فى العالم منتجة للقطن العضوى حيث تنتج أكثر من 66 % من الإنتاج العالمى للقطن العضوى غير أن إنتاج الهند من القطن العضوى  تراجع إلى 50 % بعد ظهور مايعرف باسم القطن الأخضر البديلBetter Cotton Initiative (BCI) الذى تفضله الشركات العالمية حاليا .
 
وذكرت وكالة إيكونوميك تايمز الهندية إن القطن العضوى تراجع إنتاجه من مليون و 95 ألف و 797 طن فى موسم عام 2009-2010 والذى سجل أعلى مستوى فى تاريخه إلى مليوم و3 آلاف و4 طن فى موسم 2011-2012 بانخفاض حوالى 47 % بفضل القطن الأخضر البديل الذى يتميز بسرعة النمو وقلة استخدام مياه الرى .
 
وكانت الهند تزرع القطن العضوى أساسا من أجل التصدير ولكن مع اتجاه الشركات العالمية إلى القطن الأخضر البديل الذى يقل سعره بحوالى 10 % عن القطن العضوى تحولت الهند لزراعة القطن البديل على حساب القطن العضوى .
 
وركزت أيضا شركة آرفيند للمنسوجات التى تتخذ من إقليم جوجارات الهندى مقرا لها وإحدى الشركات الكبرى التى لها الفضل فى نشر القطن العضوى إلى القطن البديل بعد أن بدأت فى تنفيذ مشروع  BCI عام 2010 لتصل المساحة المزروعة بالقطن البديل حاليا حوالى 47 ألف فدان مقابل 50 ألف فدان للقطن العضوى ولكن مع تزايد الطلب على القطن البديل ستزداد المساحة المزروعة به أكثر وأكثر خلال السنوات القادمة .
 
ويرجع أيضا انخفاض المساحات المزروعة بالقطن العضوى إلى ارتفاع تكاليف شهادة تأهيل وصلاحية  القطن العضوى من بداية زراعته ثم عند جنيه إلى نقله لمصانع الغزل وحتى المستخدم النهائى مما يؤدى إلى ارتفاع سعره عند المستهلكين كما يقول ماهيش راماكريشنان رئيس قسم النشاط الزراعى بشركة آرفيند والذى يؤكد أن شهادة صلاحية القطن البديل تحتاج إلى فحص بالة واحدة فقط ولايحتاج إلى أى شهادة سواء عند الزراعة أو الجنى أو حتى فى مصانع الغزل .
 
وتأثرت أيضا وكالات منح شهادات صلاحية القطن العضوى مع انخفاض المساحات المزروعة  حيث بدأت تعطى هذه الشهادات بأسعار أرخص للمزارعين  للمحافظة على هذا النشاط المعرض للاختفاء مع تزايد الإقبال على القطن الأخضر البديل .
وإذا كانت معايير تأهيل القطن العضوى من أكثر المعايير تشددا إلا أن القطن البديل يبدأ بأقل قدر ممكن من المعايير المرتبطة بالمحافظة على المياه و واستعمال المركبات الكيماوية مما يجعل القطن البديل أسهل وارخص على المزارعين ، ومع أن المزارعين لايحصلون على أسعار أعلى عند بيعهم القطن البديل إلا أن الشركات تؤكد إنها تنتهى بأسعار أعلى من أسعار السوق بحوالى 15 % وحتى 25 % بسبب التوفير فى تكاليف إجراءات الصلاحية والنقل من المزارع وحتى المصانع .
 
وتسعى شركات النسيج المحلية والعالمية إلى زيادة استثماراتها فى القطن الأخضر البديل الذى يتميز بانعدام إى نوع من أنواع تلوث البيئة الزراعية لأن القطن من أكثر المحاصيل تلوثا لهذه البيئة   كما جاء فى تقرير المعهد المركزى لبحوث القطن بمدينة ناجبور الهندية والذى يؤكد أن القطن ثانى أكثر المحاصيل تلوثا للزراعة حيث يساهم وحده بأكثر من 25 % من التلوث الناجم عن المبيدات الحشرية المستخدم لحماية القطن من الآفات والأمراض .
 
وشهد القطن العضوى أسرع فترة نمو خلال الفترة من 2006 وحتى 2010 فى الهند وبعدها بدأ تتراجع زراعته بينما بدأ انخفاض زراعته على المستوى العالمى بعد عام 2011 حيث بدأ أول محصول للقطن الأخضر البديل فى موسم 2010-2011 فى الهند و باكستان و مالى والبرازيل .
 
وأكبر التحديات التى تواجه مزارعى القطن العضوى هو الحصول على البذور التقليدية لأن 98 % من البذور الموجودة فى أسواق الهند من نوع القطن البديل لأنه يتميز بتغطية الجوانب البيئية والاقتصادية و الاجتماعية التى تتطلبها المعايير التكنولوجية العالمية حيث يستخدم مزارعو القطن البديل نظم رى مايكرو وإدارة متكاملة للسيطرة على الآفات والأمراض التى تضر بمحصول القطن .
 
ويقول مرونال لاهنكار مدير شهادات الصلاحية بشركة شيتنا لإنتاج المحاصيل العضوية إن منطقة حيدر أباد شهدت تراجع المساحة المزروعة بالقطن العضوى بحوالى 30 % بسبب اختفاء البذور المطلوبة وارتفاعه أسعار بذور القطن البديل  ، ومع ذلك هناك أنواع متعددة من القطن الأخضر البديل فى العالم مثل العضوى النظيف organic clean و التجارة العادلة أو فير تريد fair-trade و BCI و القطن الأكثر نقاء cleaner cotton وغير ذلك من الأسماء التجارية .
 
ويشارك فى مشروع القطن البديل أومبادرة القطن الأفضل  BCI والذى يشرف عليه مؤسسة لاتستهدف الربح 9 شركات ومؤسسات منها   WWFو ACF و  Solidaridadو  CottonConnectو Tridentو  Arvindو AFPRO, و  ABRAPAو مؤسسات عامة مثل مبادرة التجارة المستدامة Sustainable Trade Initiative و رابوبنك و IDH و ICCO .
 
ومن المتوقع أن يصل إنتاج القطن هذا الموسم فى الهند حوالى 376 مليون بالة ( البالة تعادل 170 كيلوجرام) بزيادة 1.5 مليون بالة عن التقديرات السابقة  وذلك بفضل تزايد إنتاج القطن البديل حيث يستهدف مشروع  BCI جعل الإنتاج العالمى للقطن أفضل و أكثر للمزارعين و للبيئة الزراعية والمستقبل زراعة القطن ولاسيما أن القطن البديل يزرع حاليا فى دول أخرى مثل الصين وموزمبيق وتركيا كما أنه من المتوقع ظهور أول إنتاج للقطن البديل من السنغال و كينيا هذا الموسم  كما ازداد حاليا اهتمام العديد من الشركات والمؤسسات بالقطن البديل فى وسط آسيا و وجنوب وشرق أفريقيا و وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية  .
 
ورغم أن إنتاج القطن   يأتى من المناطق التى يعيش فيها أصحاب الدخول أو الأجور الضعيفة من سكان البلاد النامية  مثل أفريقيا والصين و بنجلاديش و أمريكا اللاتينية إلا أن القطن يساهم بحوالى 40 % من إنتاج المنسوجات على مستوى العالم والتى يعتمد عليها 300 مليون نسمة فى حياتهم أو حوالى 7 % من إجمالى العمالة فى بلاد العالم النامى  و إن كان القطن ينتقل من أيدى الفقراء فى المزارع إلى شركات الموضة والأزياء الراقية فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية .
    
وبدأ مشروع القطن البديل فى عام 2005 عندما اجتمعت جماعة من خبراء السلع لمناقشة حلول الزراعة فى العالم  وأكدوا على إن أى ميكانيزم فعال لتحقيق تحسن فى إنتاج القطن يتطلب مجموعة من المبادئ الاسترشادية ولكن بعد 4 سنوات ظهر رسميا هذا المشروع الذى شارك فيه رجال أعمال فى مجالات مبيعات التجزئة والصناعة والزراعة والذين أسسوا أول مؤسسة عالمية لمعايير ومبادئ إنتاج القطن البديل وهى كما يلى :
1- القطن البديل ينتجه مزارعون يحققون الحد الأدنى من الأضرار الناجمة عن ممارسات وقاية القطن من الآفا والأمراض .
2- القطن البديل ينتجه مزارعون يستخدمون المياه بكفاءة وحرص للحفاظ عليها .
3-  القطن البديل ينتجه مزارعون يحرصون على صحة التربة الزراعية .
4- القطن البديل ينتجه مزارعون يحافظون على الحياة النباتية والحيوانية فى الطبيعة .
5- القطن البديل ينتجه مزارعون يحرصون على إنتاج أفضل جودة للألياف ويحافظون عليها .
6- القطن البديل ينتجه مزارعون يحاولون تطبيق الأعمال برقة ودقة ولياقة .

ومن أهم العوامل التى تساعد على إنتاج القطن البديل هو التعاون بين المنظمات التى تعمل مباشرة مع المزارعين لتحسن كفاءة استخدام المياه و وخفض التكاليف و وتقليل استعمال المبيدات والمركبات الكيماوية و تحسين ناتج محصول القطن .   .